mardi 24 janvier 2017

مقاومة الفساد تبدأ من هنا : لماذا تصرّ الحكومة على شلّ هياكل الرّقابة العموميّة وإهدار المال العام ؟




في إطار سياسة الديكور والواجهة وذر الرماد في العيون احدث الرئيس السابق عددا من هياكل الرقابة العمومية التي ليس لها من مهام فعلية سوى المساهمة في إهدار المال العام والارتزاق من خلال الميزانيات المخصصة لها باعتبار أنها فاقدة للحد الأدنى من الاستقلالية حتى يتسنى لها القيام بمهامها. عملا بالنصوص المنظمة لتلك الهياكل الصورية التي هي أشبه بمراكز للارتزاق والتمعش لا يمكنها القيام بمهام إلا على ضوء أذون بمأمورية تصدر عن رئيس الحكومة أو وزير المالية أو وزير أملاك الدولة. 
تبعا لإجراء الإذن بمأمورية بقيت تلك الهياكل مشلولة وغير ناجعة على الرغم من استشراء الفساد وإهدار المال العام والعبث به في جميع المجالات وعلى الرغم من الميزانيات التي يهدر في إطارها. وفي إطار التستر على الفساد وتنميته عادة ما تقتصر الأذون بمأمورية على مراقبة مسالة بعينها عادة ما تكون جانبية وهامشية وليس التصرف بصفة عامة داخل الهياكل والمؤسسات العمومية التي يراد مراقبتها بصفة صورية. فعلى سبيل المثال لا الحصر غادر محمد عبو حكومة الترويكا لان الخليفة السادس نقض عهده ورفض ان يمنحه سلطة اصدار الاذون بمامورية خاصة عندما اراد مراقبة ما يقارب 14 الف مليارا تم نهبها من البنوك العمومية في شكل ديون بنكية متفحمة وديون بنكية تم شطبها. الاغرب من كل ذلك ان محافظ البنك المركزي الحالي رفض مد الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بقائمة في تلك الديون البنكية المنهوبة في خرق صارخ للفصل 36 من المرسوم الاطاري عدد 120 لسنة 2011 المتعلق بمكافحة الفساد.  كما ان رئيس الهيئة لم يبادر بطلب تلك القائمة كما اقتضت ذلك ايضا نفس الاحكام وذلك في خطوة من شانها التستر على الفساد عملا بالمثل الشعبي "استر ما ستر الله".
لماذا لم يبادر رئيس الحكومة المهموم على ما يبدو بمكافحة الفساد باصدار اوامر جديدة وهذا غير مكلف لتكريس حد ادنى من الاستقلالية لتلك الهياكل لكي تبادر من تلقاء نفسها بمراقبة الهياكل والمؤسسات العمومية والمؤسسات الخاصة التي تتمعش من المال العام في شكل منح ومساعدات مالية كبعض النقابات الموالية لبن علي.
لماذا لم يبادر بتجنيد كل هياكل الرقابة العمومية لكي تراقب كل الديون البنكية المتفحمة والمشطوبة التي تم نهبها على مراى ومسمع الجميع دون ان يفتح تحقيق جنائي بخصوصها.


لماذا لم يبادر اعضاء مجلس نواب الشعب المهمومين على ما يبدو بمكافحة الفساد بسن قانون خاص من شانه تمكين المجموعة الوطنية من استرجاع الديون البنكية المتفحمة والمشطوبة التي تم نهبها في ظروف مشبوهة وفاسدة.
تعتبر هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية من الهياكل الرئيسية التابعة لرئاسة الحكومة وهي تتولّى إنجاز المهامّ الرقابية المنوطة بعهدتها على أساس أذون بمأمورية يصدرها رئيس الحكومة. 
وبمقتضى الأمر عدد 3232 لسنة 2013 مؤرخ في 12 أوت 2013 المتعلّق بتنظيم ومشمولات هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية وبضبط النظام الأساسي الخاص بأعضائها، كلّفت هذه الهيئة بما يلي: 
- إجراء الرقابة العليا على مصالح الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والمنشآت العمومية وبصفة عامة على الهياكل والذّوات والمنظمات بجميع أنواعهـا التي تنتفع بدعم أو بمساهمة عمومية بصفة مباشرة أو غير مباشرة في شكل حصص من رأس المال أو في شكل إعانات أو قروض أو تسبقات أو ضمانات وكذلك الذّوات الأخرى التي تؤمن مرفقا عموميا مهما كانت طبيعتها. 
- إجراء الأبحاث والمهمات الخصوصية من خلال الأعمال الرقابية الدقيقة والظرفية التي يمكن أن تعهد إليها. 
- تقييم البرامج الوطنية والسياسات العمومية في إطار التقييم التشاركي وذلك بهدف تعزيز انفتاح الهياكل المعنية بالتقييم على محيطها وتحسين علاقتها بالمتعاملين معها. 
- التدقيق في التصرف العمومي من حيث نجاعته وجدواه وآثاره. 
- تدقيق وتقييم المشاريع والبرامج الممولة في إطار التعاون الخارجي. ويمكنها إنجاز مهام التدقيق والتقييم المذكورة لفائدة الهيئات الممولة بمقتضى اتفاقيات تبرم في الغرض بعد موافقة رئيس الحكومة. 
وعلاوة على هذه المهامّ، خوّل الأمر المذكور هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية لإبداء الرأي في مشاريع النصوص القانونية والترتيبية التي تهدف إلى تنظيم أو تحسين أساليب العمل بالهياكل العمومية وكذلك الإجراءات الهادفة إلى الرفع من جودة التصرف العمومي وتكريس مبادئ الحوكمة.
تتولى هيئة الرقابة العامة للمالية بناءا على أذون بمأمورية صادرة عن الوزير المكلّف بالمالية إجراء مهمات تفقد ومراقبة مشروعية وجدوى تصرّف وحسابات المصالح والهياكل العمومية التالية: 
- مختلف المصالح العمومية المركزية والجهوية، 
- الجماعات المحلية ( البلديات والمجالس الجهوية)، 
- المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية والمؤسسات العمومية المماثلة لها، 
- المؤسسات العمومية غير الإدارية والمنشآت العمومية أو ذات المساهمة العمومية، 
- الجمعيات، 
- المجمعات المهنية والشركات التعاونية، 
- الهياكل الأخرى التي تنتفع بصفة مباشرة أو غير مباشرة بمساعدة أو دعم من الدولة أو الجماعات الجهوية أو المحلية. 
كما يمكن تكليف الهيئة بإنجاز مهمات تقويم لنشاط وأداء المصالح والهياكل المذكورة أعلاه وبرامجها ونتائجها المسجلة ومردودها وذلك قصد تحسين طرق تنظيمها وسيرها.
كما تتولى الهيئة بصفة حصرية إجراء مهمات تدقيق حسابات المشاريع الممولة بموارد خارجية، لفائدة جلّ الجهات الممولة ( البنك الدولي للإنشاء والتعمير، البنك الإفريقي للتنمية، الوكالة اليابانية للتعاون الدولي، الإتحاد الأوروبي، صندوق الدول المصدرة للنفط، الصندوق الدولي للتنمية الفلاحية، البنك الألماني للتنمية...).
تعدّ هيئة الرقابة العامة لأملاك الدولة والشؤون العقارية من بين الهياكل الرئيسية لوزارة أملاك الدولة ، وتتمثّل مشمولاتها خاصّة في : 
- مراقبة مصالح الدولة فيما يتعلق بالتصرف وإستعمال الأملاك المنقولة وغير المنقولة للدولة وبصيانتها والمحافظة عليها. 
- مراقبة التصرف والإستعمال للمساهمات العينية والنقدية للدولة في المؤسسات والمنشآت العمومية والهياكل والمنظمات الوطنية.
- القيام بالمتابعة لدى الجماعات العمومية الجهوية والمحلية وكذلك المؤسسات والمنشآت العمومية والشركات والهيئات بجميع أنواعها التي تتمتّع بمساهمة مالية أو إعانة عمومية وذلك فيما يتعلق بالتصرف وإستعمال الأملاك المنقولة وغير المنقولة وفيما يتعلّق بصيانتها والمحافظة عليها.
- برمجة تدخّلات الفرق المشتركة )أعوان تابعين لوزارتي أملاك الدّولة والدّاخلية) لمراقبة السيارات الإدارية على الطريق ومتابعة محاضر المخالفات المعدة من طرفهم.
تمّ إحداث الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية لأول مرة بمقتضى الأمر عدد 906 لسنة 1993 المؤرّخ في 19 أفريل1993 ، ثمّ وفي مرحلة لاحقة تمّ تكريس الهيئة بمقتضى القانون عدد 50 لسنة 1993 المؤرّخ في 3 ماي 1993. وتعتبر الهيئة حسب أحكام القانون المذكور مؤسّسة عمومية ذات صبغة إدارية، تتمتّع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتخضع إلى إشراف رئاسة الجمهورية.
ويندرج بعث الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية ضمن استكمال وظائف المنظومة الرقابية وذلك بإحداث هيكل يضطلع بمهمّة التنسيق بين برنامج دائرة المحاسبات وبرامج هيئات الرقابة العامة والتفقديات الوزارية ويتولّى متابعة نتائج أعمالها وتنفيذ التوصيات الكفيلة بتدارك النّقائص وتلافي الإخلالات، بما من شأنه أن يضع حدّا لإهدار المال العمومي. كما يرمي إحداث هذا الهيكل إلى تفعيل الأعمال الرقابية ودعم نجاعتها وملاءمتها لمتطلبات تعصير التصرّف العمومي وترشيده.
- ضبط القانون عدد 50 لسنة 1993 نطاق تدخّل الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية وأقرّ لها المهامّ والمشمولات التّالية:
– تأمين تنسيق برامج تدخل هياكل الرقابة العامة والتفقد التي تحال للهيئة في مفتتح كل سنة ويتم في ضوئها ضبط البرامج الدورية لتدخل الهياكل المذكورة.
– دراسة واستغلال التقارير التي تعدّها كل من دائرة المحاسبات وهيئات الرقابة العامّة والتفقديّات الوزاريّة، إذ تتولّى الهيئة تأمين متابعة مدى تنفيذ التّوصيات المضمّنة بهذه التقارير وتتقدم في الغرض بمقترحات بخصوص الإجراءات الكفيلة بتلافي النقائص وتحسين طرق التصرف. كما يجوز لها توجيه توصيات إلى الأطراف المعنيّة، لإحالة المخالفين أمام القضاء الجزائي أو دائرة الزجر المالي.
– إبداء الرأي فيما يعرض عليها من استشارات بخصوص مشاريع النصوص التشريعية أو الترتيبية ذات العلاقة بتطوير طرق التصرّف العمومي وأساليبه أو تحسين جدوى عمل هياكل المراقبة الإدارية والمالية.
– المساهمة في الدراسات والندوات والملتقيات ذات الصلة بمهامّ الهيئة.
هذه الهياكل الصورية التي يهدر من خلالها المال العام ويكافا الموالون من خلال تنصيبهم على راسها كغيرها من الهياكل كالهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الاساسية والتي تراقب من خلالها السلطة التنفيذية نفسها بنفسها في خرق للمعايير الدولية الموضوعة من قبل المنظمة الدولية للاجهزة العليا للرقابة والمحاسبة المعروفة تحت اسم "انتوساي" عملا بالمثل الشعبي "الطير اللي يغني وجناحو يرد عليه". تبعا لما تم شرحه، هل يبادر يوسف الشاهد باثبات صدق نواياه وارادته من خلال اصدار الاوامر المكرسة لحد ادنى من استقلالية هياكل الرقابة العمومية وباعداد مشروع قانون لحذف الهيئة العليا للرقابة الادارية والمالية والموفق الاداري والهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الاساسية وغيرها من الهياكل التي يهدر من خلالها المال العام وكذلك بتحوير القانون المتعلق بالمكلف العام بنزاعات الدولية لمنحه حدا ادنى من الاستقلالية والمبادرة حتى لا يبقى مكتوف الايدي امام الجرائم البشعة التي ترتكب يوميا في حق المال العام.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire